مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
إلى أين أيها الراحل عني ؟ إلى أين أيها الموادع ؟ أراك تسرع في الخطا ،
أما إنك ترحل عن قلب يشتاقك ، وروح تحبك ، ومشاعر تهفو إلى لقائك ! قف أيها
الراحل .. زدني من وقتك ، وهبني من شجونك ، وامنحني من روائع ليلك وسحرك ،
ومدني بألطاف نهارك ودقائق وقتك ! واهـ لذكراك ! أرجوك لا تفجعني بالرحيل !
أما علمت أيها الراحل أن شوقك أظنى من يحدثك ؟ ودقائق لحظاتك تجري من جسده
مجرى الدم في الجسد ؟!
إلى أين أيها الراحل ؟! أما إن قلبي وجد كل ضالة يشتاق إليها ، ووقف على كل
حقيقة كان يأمل أن يعيشها ، وعرف بك كم ينال القلب من سرور ؟ وهاهي مشاعري
أكبر من أن أصفها ، وأعظم من أن أبين عن لحظاتها ! أما إني وجدت في رحابك
كل مفقود ، وعشت فيك كل معنى ، وأدركت أن للروح إشراق ، ولحظاتك أثمن لحظات
إنسان في الأرض .
إلى أين أيها الراحل ؟ لمن تترك قلبي بعدك ؟ ولمن تهب مشاعري وراءك ؟ ومن
يتولى سقيا قلبي المجدب بعد رحيلك ؟ يا أيها الراحل إن كنت تحتاج شاهداً
على حبك فهذا دمعي هذه اللحظة يسكب عبرات روحه دون استئذان ، وهذه مشاعري
تنداح حزناً على فراقك ! وهذا جسدي يقف عاثراً في الطريق يعجز عن حمل قواه
حين نبأ رحيلك .. وما أنا إلا محب وكذلك يصنع الحب في أهله ومحبيه .
إلى أين أيها الراحل ؟! وقلبي ما زال ضامئاً يبحث عن رواه ! أما حدثك أنه
وجد ضالته في هجيع الليل ، ولقي أنسه وروحه وشوقه في لحظات السحر ؟! فلماذا
تحرمه وقد عثر على أعظم مفقود ؟! أرجوك لا ترحل فقد عثر على العافية ،
ووجد النعيم ، وذاق في رحلتك كل معنى جميل .. زده من أيامك فربيع روحه أقبل
وارفاً
مد له في خطوك فهاهو قد أوشك على التخلّص من أدرانه وأمراضه ، أمنحه بعض
وقتك ليمنح الحياة معنى جميلاً ، ويكسوها من ألقه وإشراقه نوراً كبيراً ،
أعطه مساحة أوسع ويعدك أن يعطي واجبه ، ويسير يركض في أداء رسالته كأمثل ما
يكون .. ! أتراه كان يدرك هذا النعيم ؟ ويكابد هذه الأشواق ، ويشعر بهذه
اللحظات ؟ كلا ! لو كان ذلك لما رأيته يبكي أسفاً على رحيل أيامك من حياته .
مالي أراك تسرع في خطاك ؟ أقصور في ضيافتك أوجب لك هذا الرحيل العجل ؟ أو
ضعف عناية بلحظاتك دفعك إلى هذا الترحال ؟ أو قدر الله تعالى كتب عليك أن
تكون لحظات رائعة وأوقات ثمينة ودقائق جميلة ثم تذهب كما تذهب دقائق الحياة
في كل يوم ؟!
أما إن قلبي ما زال ضامئاً ، وروحي ما زالت تعيش أشواقها ، ومشاعري تهتف كل
لحظة على ذهاب لحظاتك ، وأرجو أن يكون فيما بقي لثم هواها ، ودواء شوقها ،
وحديث الأرواح لقلبها .. ويكفيها هذا منك وتعيش عاماً على أمل اللقاء بك .